أكد سليم التلاتلي، وزير السياحة التونسي الأسبق، على أهمية تعزيز الرصد الاستراتيجي لتحليل تطورات السوق السياحية العالمية، موضحًا أن على تونس مراقبة منافسيها عن كثب، وفهم اتجاهات القطاع، مع تتبع تغيرات حصص السوق، لتحقيق قدرة تنافسية أكبر في مجال السياحة.
يعتقد الخبراء أن تطوير السياحة في منطقة البحر الأبيض المتوسط يتطلب تعاونًا أعمق بين الدول، سواء الواقعة على الضفتين الشمالية والجنوبية أو بين بلدان الجنوب. ويرى التلاتلي أن مفهوم “التعاون التنافسي” (Coopetition) الذي يجمع بين التعاون والمنافسة، يمثل الحل الأمثل لمواجهة التحديات المشتركة، مثل التلوث البيئي وتأثير التغير المناخي. وأوضح قائلاً: “لا يمكن لدولة بمفردها معالجة قضايا كارتفاع مستوى البحر أو فقدان مساحات من الشواطئ، الحل يكمن في تعاون إقليمي شامل”.
التعاون لا يلغي المنافسة
يرى التلاتلي أن التعاون لا يتعارض مع المنافسة، بل إن كل وجهة سياحية يجب أن تسعى لإبراز ميزاتها الفريدة. وأضاف: “لكي تنافس تونس، عليها تحسين الرصد الاستراتيجي الذي يساعدها على تحليل البيانات وتحديد الاتجاهات، وهو مجال ما زلنا نفتقر فيه إلى الكثير من المعلومات الدقيقة”.
وأكد أن استخدام البيانات الدقيقة حول تطورات الإيرادات السياحية أو اتجاهات المستهلكين يتيح العمل على تحسين نقاط القوة في الوجهة السياحية. وأردف قائلاً: “علينا أن نفهم ما يفعله منافسونا، وما هي الاتجاهات الجديدة، وأين يتجه العالم”.
الترويج الرقمي: المستقبل هو الإنترنت
اعتبر التلاتلي أن أساليب الترويج التقليدية، مثل المشاركة في المعارض، لم تعد فعالة كما كانت، حيث يعتمد 80% من المستهلكين على الإنترنت لاختيار وجهة سفرهم. وشدد على أهمية تبني استراتيجيات ترويجية قائمة على التسويق الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز حضور تونس كوجهة سياحية.
وأضاف أن السياحة المستدامة والبيئية باتت من بين أولويات السائح الحديث، ما يتطلب تغييرًا جذريًا في السياسات السياحية. لكنه أشار إلى أن تحقيق هذه الأهداف يحتاج إلى تمويلات كبيرة، معتبراً أن القطاع السياحي يعاني من مشكلات الديون التي تعيق تمويل هذه المبادرات الجديدة.
التحديات التمويلية
أوضح التلاتلي أن القطاع السياحي يُعتبر “عالي المخاطر” بالنسبة للمصارف بسبب الديون المتراكمة، ما يجعل تمويل الابتكارات والمنتجات الجديدة أمرًا صعبًا. ودعا إلى إيجاد أدوات تمويل مبتكرة لتخفيف المخاطر ودعم المشاريع السياحية الموجهة نحو الاستدامة والتوجهات العصرية.
وختم بالقول: “علينا أن نجد حلولاً تمويلية جديدة تتلاءم مع المخاطر المرتبطة بهذه التوجهات، لأنها الطريق نحو مستقبل أكثر تنافسية وابتكارًا في القطاع السياحي”.