تحوّل إفريقيا: عندما يدعو سعيّد إلى قارة جديدة

0
5
تحوّل إفريقيا عندما يدعو سعيّد إلى قارة جديدة

رغم التقدّم الملحوظ والنمو المتسارع الذي تشهده بعض بلدان القارة الإفريقية، لا تزال إفريقيا تُعاني من تحديات عميقة، مثل ارتفاع معدلات الفقر والمجاعة، وضعف التكامل الاقتصادي بين الدول، إضافة إلى قصور الإنتاج في الوصول إلى أقصى طاقته. هذا في وقتٍ تزخر فيه القارة بثروات طبيعية هائلة، كانت لتمنحها مكانة دولية أقوى لو تم استغلالها بالشكل الأمثل.

الفجوة بين الإمكانيات والواقع

تواصل القارة الإفريقية، بحسب تقارير وتحليلات اقتصادية، إهدار فرصها الكبيرة في التنمية، ما يترجم إلى خسائر اقتصادية مستمرة، وواقع هشّ على مختلف الأصعدة. هذا الوضع لم يمر دون أن يثير حفيظة صانعي القرار في القارة، الذين باتوا يُطالبون بقطيعة ذكية مع الماضي، وانطلاقة جديدة تُعيد إفريقيا إلى مسارها الصحيح.

دعوة سعيّد لإفريقيا ذات سيادة

في هذا السياق، دعا رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد، خلال اتصال هاتفي في 27 مايو الماضي مع نظيره الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا، إلى ضرورة “بناء إفريقيا جديدة”، مؤكدًا أن الوقت قد حان “لوضع حدّ لنهب ثروات القارة من قبل القوى الخارجية”. وأوضح أن هذه الخطوة تمثل مدخلاً أساسيًا لإعادة تشكيل “إفريقيا ذات سيادة ومتضامنة ومزدهرة”.

هذه الدعوة تأتي في إطار رؤية تهدف إلى إعادة تصور مستقبل القارة، وجعلها أكثر وعيًا بإمكاناتها، وأكثر تصميماً على مجابهة التحديات الاقتصادية المقبلة من خلال هياكل وسياسات جديدة فعالة.

شروط النهوض: من الوعي إلى العمل الجماعي

تحقيق هذه الرؤية الطموحة لا يُمكن أن يتم دون وعي جماعي من قبل جميع الأطراف المعنية، إلى جانب الحاجة لتنسيق السياسات العامة بين الدول، وتوحيد الجهود في إطار جماعي يُمكّن القارة من بناء اقتصاد مستدام ومرن.

من النقاط الجوهرية التي ركّز عليها العديد من الخبراء، ضرورة إصلاح المنظومة المالية الدولية، التي أثبتت عدم عدالتها في التعامل مع خصوصيات الاقتصاد الإفريقي. ووفقاً لهؤلاء، فإن إفريقيا لا ينبغي أن تبقى على الهامش، بل يجب أن تحظى بنصيب عادل من التمويل الدولي لدعم قيام اقتصاد “تنافسي وشامل ومستدام”.

أولويات استراتيجية على مستوى القارة

هذا التوجّه يتوافق مع أولويات الرئيس الجديد للبنك الإفريقي للتنمية، الموريتاني سيدي ولد طه، الذي يضع في مقدمة اهتماماته تعزيز المؤسسات المالية الإقليمية، وتحقيق استقلالية مالية حقيقية لإفريقيا في الأسواق العالمية.

إلى جانب ذلك، لا يمكن الحديث عن قفزة اقتصادية دون تطوير قاعدة إنتاجية عصرية، تشمل تسريع التحول الرقمي، تحديث العمليات الصناعية، وتوسيع سلاسل القيمة في كافة القطاعات. ويرى الخبراء أن الذكاء الاصطناعي قد يكون أداة مفصلية في هذا التحول، نظرًا لإمكانياته في رفع كفاءة الإنتاج، وتحقيق قيمة مضافة عالية.

وقد أظهرت فعاليات قمة الذكاء الاصطناعي العالمية في إفريقيا، التي عُقدت في كيغالي برواندا يومي 3 و4 مايو الماضي، مدى اهتمام صانعي القرار بهذا القطاع. وتشير التقديرات إلى أن اعتماد الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال قد يضيف ما يقارب 2900 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي للقارة بحلول عام 2030.

المستقبل بيد إفريقيا

من الواضح أن انطلاقة إفريقيا الاقتصادية ممكنة ومتاحة، شريطة أن يتم استثمار الفرص المتاحة بحكمة، واستغلال الإمكانيات الذاتية في إطار من التضامن القاري والتخطيط الاستراتيجي المدروس.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here