حديقة إشكيل الوطنية تعود للحياة بعد الأمطار الأخيرة

0
48
منتزه إشكل الوطني

أسهمت الأمطار الغزيرة التي اجتاحت شمال تونس في الأسابيع الماضية في إعادة بريق حديقة إشكيل الوطنية، حيث بدأت الطبيعة تُعيد رسم معالمها بعد فترة طويلة من المعاناة. الصور التي نشرها عامر بهبه على صفحة “المرصد التونسي للأحوال الجوية والمناخ” تُظهر تحولًا دراماتيكيًا في هذا النظام البيئي الذي كان يواجه تهديدات من الجفاف وارتفاع مستويات الملوحة.

ماضي مشوب بالأزمة البيئية
في التسعينات، أدت بناء السدود حول بحيرة إشكيل إلى اضطراب التوازن المائي فيها، مما قلل من تدفق المياه العذبة وزاد من نسبة الملوحة. هذا التغير تسبب في انخفاض ملحوظ في التنوع البيولوجي المحلي، خاصة بين الطيور المهاجرة التي كانت تلجأ إليها كل شتاء. ونظرًا لهذا التدهور، قامت منظمة اليونسكو بإدراج الحديقة ضمن قائمة التراث العالمي المهدد عام 1996.

جهود الترميم المثمرة
في مواجهة الأزمة البيئية، تم اتخاذ عدة إجراءات لترميم المنطقة؛ فقد ساهم تحسين إدارة الموارد المائية ومبادرات الحفاظ البيئي في إعادة الحديقة إلى مسار التعافي التدريجي. ونتيجة لهذه الجهود، تم شطب الحديقة من قائمة التراث العالمي المهدد في عام 2006، فيما بدأت تنعش الأمطار الأخيرة التنوع البيولوجي في البحيرة بشكل واضح.

التحديات المستمرة
على الرغم من هذه الخطوات الإيجابية، يحذر خبير إدارة المياه محمد صلاح غليد من أن الأمطار الأخيرة، وإن كانت بمثابة نفحة حياة للبحيرة، لا تزال الحلول الهيكلية ضرورية لضمان استدامتها. ويذكر بأن بحيرة إشكيل تُعد منطقة رطبة ذات أهمية عالمية بموجب اتفاقية رامسار لعام 1971، مما يستدعي وضع استراتيجيات فعالة للتكيف مع آثار التغير المناخي وحماية هذا الكنز الطبيعي.

كنز بيئي في قلب تونس
تقع حديقة إشكيل الوطنية على بُعد حوالي 75 كيلومترًا شمال العاصمة تونس، في سهل ماطور بولاية بنزرت، وتغطي مساحة تبلغ 12,600 هكتار. تتألف الحديقة من ثلاثة عناصر رئيسية:

  • بحيرة إشكيل بمساحة 8,500 هكتار،
  • الأراضي الرطبة المحيطة بمساحة 2,737 هكتار،
  • وجبل إشكيل، وهو كتلة جيرية ترتفع إلى 511 متر. يحظى هذا الموقع بتقدير عالمي ويُدرج ضمن عدة قوائم حماية، منها: • محمية البيئة الحيوية التابعة لليونسكو (1977)، التي تُبرز التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة. • التراث العالمي لليونسكو (1979)، لكونها آخر بحيرة كبيرة للمياه العذبة في شمال إفريقيا ومأوى حيوي للطيور المهاجرة. • موقع رامسار (1980)، الذي يؤكد أهمية المنطقة الرطبة للطيور، بما في ذلك الأنواع المهددة بالانقراض.

خاتمة
رغم التجدد الطبيعي الذي تشهده حديقة إشكيل الوطنية بفضل الأمطار الأخيرة، فإن الحفاظ عليها يتطلب متابعة دائمة وإدارة مستدامة للمياه، بالإضافة إلى تبني استراتيجيات تكيفية مع التغيرات المناخية لضمان استمراريتها وحماية التنوع البيولوجي الذي تعتمد عليه.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here