في عملية سطو مذهلة أثارت الرعب في أروقة الثقافة العالمية، نجح مجرمون في الاستيلاء على ما يزيد عن ثماني قطع أثرية نادرة من أعماق متحف اللوفر خلال دقائق قليلة فقط. وتتعهد الجهات الرسمية في فرنسا بمطاردة الجناة واستعادة هذه الكنوز التاريخية، التي تمثل جزءًا لا يُقدّر من تراث الإمبراطورية الفرنسية.
شهد يوم الأحد الماضي، وسط حركة الزوار الصباحية، اقتحامًا جريئًا لقاعة أبولو داخل المتحف الباريسي، حيث يُحتفظ بمجموعة فريدة من جواهر التاج الملكي. وصف المسؤولون الضحية بأنها ذات أهمية تاريخية تفوق أي تقييم مالي، إذ ترتبط هذه القطع ارتباطًا وثيقًا بأحداث العصر الإمبراطوري الذي غيّر وجه أوروبا.
كاد اللصوص ينتقون أحد أبرز الرموز الملكية، وهو تاج الإمبراطورة أوجيني، الزوجة الثالثة لنابليون، والذي يتزيّن بثمانية نسور من الذهب النقي. يضم هذا التاج 1354 ماسة لامعة، بالإضافة إلى 1136 ماسة مقطّعة على شكل ورود، و56 زمردة نابضة باللمعان. لكن بفضل رد الفعل السريع من أجهزة الأمن، نجا هذا الإرث من الاختفاء الكامل.
كان التاج مصحوبًا بمجموعة من التحف الشخصية لأوجيني، مثل تاج آخر يحمل 212 لؤلؤة نادرة، و1998 ماسة، و992 ماسة بقطع الوردة الدقيقة. كما عرضت في القاعة بروشات ماسية تُذكّر بفخامة العصر الإمبراطوري. ومن بين الجواهر الأخرى، تيجان وقلائد وأقراط مزخرفة بأحجار زرقاء عملاقة محاطة بماسات صغيرة، تعكس بريق الحكم الملكي السابق.
أما طقم المجوهرات الياقوتية، الذي يعود تاريخه إلى بدايات القرن التاسع عشر، فهو لغز تاريخي يثير الفضول. لا يُعرف بالضبط من أمر بصناعته أو من يد أمينة نفذته، لكنه ارتدته شخصيات بارزة مثل الملكة هورتنسيا، زوجة لويس بونابرت، والملكة ماريا أميلي، زوجة لويس فيليب الأول. يشمل الطقم تاجًا مزيّنًا بـ24 ياقوتًا سيلانيًا أصيلًا و1083 ماسة، إلى جانب عقد يتكون من ثمانية أحجار ياقوتية محاطة بماسات في إطارات ذهبية فاخرة، وزوج أقراط ياقوتية متلألئة.
أصدرت وزارة الثقافة الفرنسية بيانًا رسميًا يفيد بأن السرقة امتدت إلى إحدى الأقراط فقط من هذا الطقم الأصلي، الذي كان يشمل ثلاث بروشات ومشطًا وأسِبِرَين. ويُعتبر هذا الطقم “شهادة حية على إبداع الصيغ الجواهرية الباريسية”، كما يُروّج له موقع المتحف الإلكتروني.
أما القلادة المرصّعة بالزمرد والماس، التي انضمت إلى مجموعات اللوفر عام 2004 فقط، فقد كانت هدية من نابليون إلى زوجته الثانية ماريا لويزا بمناسبة حفل زفافهما عام 1810. تحتوي على 32 زمردة مستديرة تشبه اللآلئ، محاطة بـ1138 ماسة متلألئة. يؤكد المتحف أن نابليون أمر بصنع مجموعتين جواهريتين فاخرتين للاحتفال بالزيجات، بما في ذلك طقم آخر من الأوبال والماس. ومن ضمن هذا الطقم، زوج أقراط زمردية وماسية، سرق اللصوص أحدهما أيضًا، مما يُشير إلى اختيار مدروس للقطع الأكثر قيمة.