شهدت شوارع فرنسا يوم الخميس 18 سبتمبر 2025 موجة احتجاجات واسعة النطاق، حيث خرج عشرات الآلاف في مظاهرات وإضرابات دعت إليها النقابات العمالية للضغط على رئيس الوزراء الجديد سيباستيان لوكورنو، المعين قبل أسبوع، بشأن خطته المالية التقشفية. وتأتي هذه التحركات في ظل أزمة سياسية حادة تشهدها البلاد بعد إسقاط حكومة سلفه فرانسوا بايرو بسبب رفض البرلمان لمشروع ميزانية 2026.
ثاني موجة احتجاجات في أقل من 10 أيام
يُعد هذا اليوم الثاني للتعبئة الشعبية خلال ثمانية أيام، بعد تحرك سابق في 10 سبتمبر تحت شعار “لنشل كل شيء”، نظم عبر منصات التواصل الاجتماعي وشارك فيه حوالي 200 ألف شخص وفقاً لإحصاءات السلطات. وبحلول منتصف نهار الخميس، سجلت السلطات 253 تحركاً احتجاجياً بمشاركة 76,500 متظاهر، رغم توقعات الأربعاء التي أشارت إلى إمكانية وصول العدد إلى 900 ألف، في تعبئة تشبه الاحتجاجات الكبرى ضد إصلاح نظام التقاعد في 2023.
ردود فعل نقابية قوية
أشادت صوفي بينيه، الأمينة العامة للكونفدرالية العامة للعمل (CGT)، بنجاح الاحتجاجات، مؤكدة أنها “حققت نجاحاً كبيراً” في إيصال صوت الشارع. من جهتها، وصفت ماريليز ليون، الأمينة العامة للكونفدرالية الديمقراطية الفرنسية للعمل (CFDT)، هذه التحركات بأنها “تحذير واضح جداً” لرئيس الوزراء الجديد، داعية إلى إعادة النظر في سياسات التقشف التي تتضمن خفض الإنفاق العام بـ44 مليار يورو، تجميد المساعدات الاجتماعية، وإصلاح نظام الضمان ضد البطالة.
سياق الاحتجاجات
تأتي هذه الاحتجاجات في أعقاب سقوط حكومة بايرو، التي اقترحت خطة تقشفية أثارت غضباً شعبياً واسعاً بسبب تأثيرها على الخدمات العامة، بما في ذلك التعليم والصحة. وبلغت حدة التوتر ذروتها مع إعلان إضرابات شملت قطاعات حيوية مثل التعليم، حيث أفادت وزارة التربية الوطنية أن 17% من المعلمين شاركوا في الإضراب، وأغلقت حوالي 18 ألف صيدلية من أصل 20 ألفاً أبوابها.
إجراءات أمنية مشددة
نشرت السلطات الفرنسية حوالي 80 ألف شرطي ودركي في جميع أنحاء البلاد لتأمين المظاهرات، مع توقعات بحدوث أعمال تخريب، كما أشار إليها القائم بأعمال وزير الداخلية برونو ريتايو. وسجلت السلطات حتى الساعة 18:00 (16:00 بتوقيت غرينتش) توقيف 181 شخصاً، مع إصابة 11 شرطياً و11 آخرين، بينهم صحفي، في حوادث متفرقة، خاصة في مدن مثل نانت وليون.
تداعيات سياسية
تزيد هذه الاحتجاجات من الضغوط على لوكورنو، الذي يواجه تحدي تشكيل حكومة جديدة وسط انقسامات برلمانية حادة. ويحذر المحللون من أن استمرار التوترات الاجتماعية قد يعرقل جهود فرنسا للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المتعلقة بتقليص العجز المالي، مما قد يؤثر على مكانتها في المفاوضات الأوروبية.







