في عالم يشهد تغييرات متسارعة بفعل التقنيات الحديثة والتوجه نحو اقتصاد أكثر استدامة، يمر سوق العمل بتحولات جذرية تؤثر على طبيعة الوظائف ومهارات العاملين. دراسة “مستقبل الوظائف 2025” التي أعدها المنتدى الاقتصادي العالمي، بمساهمة من المعهد العربي لرؤساء المؤسسات (IACE) في تونس، سلطت الضوء على التوجهات المستقبلية، والتحديات التي تواجه سوق العمل عالميًا ومحليًا.
تحولات جذرية في سوق العمل
تشير الدراسة إلى أن 22% من الوظائف عالميًا ستشهد تغييرات جوهرية بحلول عام 2030، حيث سيتم خلق 170 مليون وظيفة جديدة مقابل إلغاء 92 مليون وظيفة نتيجة الأتمتة والتطور التكنولوجي. في تونس، التوقعات تشير إلى أن 20% من الوظائف ستتغير خلال السنوات المقبلة، مما يفتح أبوابًا أمام فرص جديدة ولكنه يحمل في الوقت ذاته تحديات مثل التضخم وبطء النمو الاقتصادي.
القطاعات الواعدة في تونس
تظهر نتائج الدراسة أن القطاعات التكنولوجية ستكون في طليعة النمو، خاصةً:
- الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي: مع اعتماد متزايد على التكنولوجيا لتحسين الإنتاجية.
- هندسة الروبوتات: لدعم عمليات الأتمتة في الصناعة والخدمات.
- تحليل البيانات الضخمة: لتوفير رؤى استراتيجية تستند إلى كميات هائلة من البيانات.
المهارات المطلوبة
التغيرات في سوق العمل تتطلب تطوير مهارات حديثة، من أبرزها:
- الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات: لأهميتها في التحول الرقمي.
- الأمن السيبراني: مع تزايد أهمية حماية البيانات والمعلومات.
- التفكير الإبداعي وحل المشكلات: لتقديم حلول مبتكرة للتحديات المتجددة.
- القيادة والتأثير الاجتماعي: لإدارة الفرق بفعالية.
تحديات التحول في تونس
رغم الفرص الواعدة، تواجه تونس تحديات كبيرة، أبرزها:
- الفجوة المهارية: إذ ترى 80% من الشركات نقص المهارات كعائق رئيسي.
- التكاليف الاقتصادية: التضخم وبطء النمو يحدّان من قدرة الشركات على الاستثمار في مجالات جديدة.
- ضعف التعليم والتدريب: عدم ملاءمة المناهج لاحتياجات سوق العمل يعيق تطوير المهارات المطلوبة.
توصيات لمواجهة التحديات
للتغلب على هذه العوائق، اقترحت الدراسة خطوات استراتيجية تشمل:
- الاستثمار في التدريب وإعادة التأهيل: عبر تمويل برامج تعليمية موجهة نحو المهارات الحديثة.
- تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص: لتقاسم تكاليف التدريب وتأهيل القوى العاملة.
- تطوير السياسات العمالية: لدعم العمل عن بُعد وزيادة مرونة سوق العمل.
- تحسين نظام التعليم: لضمان توافقه مع متطلبات السوق المتغيرة.
مستقبل العمل في تونس
تتجه تونس نحو نموذج عمل جديد يوازن بين الأتمتة والمهارات البشرية. بينما ستزداد الأدوار التي تؤديها الآلات، ستظل المهارات الإنسانية، مثل الإبداع والتفكير النقدي، جوهرية. ومع رؤية واضحة واستثمار في رأس المال البشري، يمكن لتونس أن تحول التحديات الاقتصادية إلى فرص للنمو المستدام، مما يجعلها نموذجًا إقليميًا في التكيف مع التحولات العالمية.