شهدت منطقة سيدي بوزيد، وبالتحديد مزونة، مؤخرًا سلسلة من الهزات الأرضية. ومنذ الزلزال الذي وقع في 3 فبراير 2025، والذي كانت قوته 4.9 على مقياس ريختر، زادت شدة الهزات في هذه المنطقة. بشكل عام، تم الشعور بحوالي 17 هزة، بالإضافة إلى اهتزازات خفيفة في مناطق أخرى من تونس. ومع ذلك، تظل هذه الهزات، رغم تكرارها، منخفضة إلى متوسطة الشدة ولم تُسبب سوى أضرار طفيفة، مثل الشقوق في المباني القديمة أو الانهيارات الصغيرة.
وأوضح رياض أحمدي، الخبير في الجيولوجيا والزلازل، أن هذه النشاطات الزلزالية تتعلق بظاهرة طبيعية مرتبطة بديناميكيات الصفائح التكتونية الأفريقية والأوراسية التي تقترب بشكل مستمر. هذه الحركات تعيد تفعيل شبكة من الفوالق القديمة، وخاصة فوالق من عصر الميوسين، التي تمر عبر منطقة مزونة، مكناس، وجبل بودمة.
وأضاف أحمدي أن هذا النوع من النشاط الزلزالي ليس استثنائيًا لتونس، حيث أن الزلازل الكبيرة أو المتوسطة عادةً ما تحدث بفترات زمنية طويلة تتراوح بين 500 و1000 سنة. لذلك، لا تعتبر الهزات في سيدي بوزيد فريدة من نوعها. مناطق جبلية أخرى في البلاد مثل القيروان، القصرين، قفصة والشمال التونسي أيضًا معرضة لهذا النوع من الظواهر. كما أن تكوّن الجبال التونسية تم على مراحل متعددة من الأنشطة الزلزالية، مما يؤدي إلى تشوهات صغيرة عند إعادة تفعيل الفوالق.
وأشار إلى أن شبكة الفوالق النشطة التي تمر عبر العديد من المناطق التونسية، مثل تونس، القيروان، صفاقس، شبه جزيرة قرطاج، ومنطقة الوسط (منستير، سوسة، المهدية، الجم، صفاقس)، يمكن أن تُسبب زلازل متوسطة أو حتى أقوى إذا تم تفعيل هذه الفوالق. ومع ذلك، يظل التهديد الزلزالي العام في تونس منخفضًا إلى متوسط، خاصةً مقارنةً بالدول المجاورة مثل إيطاليا، المغرب أو تركيا.
وفي عام 2024، تم تصنيف تونس في المرتبة 55 من بين 193 دولة في مؤشر المخاطر العالمي (World Risk Index)، مما يضعها في فئة الدول ذات المخاطر المتوسطة، بعيدًا عن الدول ذات المخاطر العالية مثل الفلبين، إندونيسيا أو الهند.
في الختام، رغم أن النشاط الزلزالي في سيدي بوزيد كان كثيفًا من حيث عدد الهزات، إلا أنه يظل ضمن المعايير الطبيعية للمنطقة ولا يشكل تهديدًا كبيرًا في الوقت الراهن. تظل المخاطر الزلزالية في تونس منخفضة إلى متوسطة، على الرغم من أنه يجب البقاء على يقظة، خاصة في المناطق التي تمر عبرها الفوالق النشطة.
